2009-06-25

قهوة من على الحائط

في مدينة البندقية وفي ناحية من نواحيها النائية كنا نحتسي قهوتنا في أحد المطاعم
فجلس إلى جانبنا شخص وقال للنادل إثنان قهوة من فضلك واحد منهما على الحائط

فأحضر النادل له فنجان قهوة وشربه صاحبنا لكنه دفع ثمن فنجانين

وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد

وبعده دخل شخصان وطلبا ثلاث فناجين قهوة واحد منهم على الحائط

فأحضر النادل لهما فنجانين فشرباهما ودفعا ثمن ثلاث فناجين وخرجا

فما كان من النادل الا أن قام بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها فنجان قهوة واحد

وفي أحد الأيام كنا بالمطعم فدخل شخص يبدو عليه الفقر فقال للنادل فنجان قهوة من على الحائط
أحضر له النادل فنجان قهوة فشربه وخرج من غير أن يدفع ثمنه
ذهب النادل الى الحائط وأنزل منه واحدة من الأوراق المعلقة ورماها في سلة المهملات

تأثرنا طبعاً لهذا التصرف الرائع من سكان هذه المدينة والتي تعكس واحدة من أرقى أنواع التعاون الإنساني

فما أجمل أن نجد من يفكر بأن هناك أناس لا يملكون ثمن الطعام والشراب
ونرى النادل يقوم بدور الوسيط بينهما بسعادة بالغة وبوجه طلق باسم
ونرى المحتاج يدخل المقهى وبدون أن يسأل هل لي بفنجان قهوة بالمجان

فبنظره منه للحائط يعرف أن بإمكانه أن يطلب

ومن دون أن يعرف من تبرع به

لهذا المقهى مكانه خاصه في قلوب سكان هذه المدينة
وفي قلبي أنا

2009-06-12

أشياء تسقط منك ولكن لا تسمع صوتها

(( ليس بالضرورة ان تسمع اصواتهم كي تدرك أنهم سقطوا منك ))
بعض انواع السقوط لا يعادله مراره سوى مرارة الموت

فالبعض يسقط من العين
والبعض يسقط من القلب
والبعض يسقط من الذاكرة
والذي يسقط من العين

يسقط بعد مراحل من الصدمه؛ والدهشة؛ والاستنكار؛ والاحتقار
ومحاولات فاشله لتبرير اختياره هذا النوع من السقوط ..

أما سقوط القلب

فإنه يلي مراحل من الحب
والحلم الجميل
والاحساس بالضياع والندم ومحاولات فاشله لاحياء مشاعر ماتت


أما سقوط الذاكره

فإنه يبدأ بعد مراحل من التذكر والحنين
وبعد معارك مريره مع النسيان
ناتجه عن الرغبه في التمسك بأطياف أحداث انتهت ..
وغالبا يكون سقوط الذاكره هو آخر مراحل السقوط
وهو أرحم أنواع السقوط

وليس بالضرورة ان الذي يسقط من عينيك يسقط من قلبك
أو أن الذي يسقط من قلبك يسقط من ذاكرتك
فلكل سقوط أسبابه التي قد لا تتأثر أو تؤثر في النوع الآخر من السقوط

فالبعض يسقط من قلبك

لكنه يظل محتفظا بمساحاته النقيه في عينيك
فيتحول احساسك المتضخم بحبه الى احساس متضخم باحترامه
فتعامله بتقدير .. امتنانا لقدرته السامية في الاحتفاظ بصورته الملونه في عينيك
برغم زوال الصورة من قلبك
وهذا النوع من البشر يجعلك تردد بينك وبين نفسك كلما تذكرته

أما المعاناة الكبرى
فهي حين يسقط من عينيك إنسان ما لكنه لااااا يسقط من قلبك
ويظل معلقا بين مراحل سقوط القلب وسقوط العين
وتبقى وحدك الضحية لأحاسيس مزعجة
تحبه ,,, لكنك بينك وبين نفسك تحتقره
وربما احتقارك له أكثر من حبك

ولأن الذاكرة كالطريق

تلتقط معظم الوجوه التي تلتقيها
والتي قد لا يعني لك أمرها شيئا
فإن سقوط الذاكرة هو أرحم أنواع السقوط
لأنه آخر مراحل سقوطهم منك

فالذي يسقط من الذاكرة لا يبقى في القلب ,,, ولا يبقى في العين